أحزان الأطفال
أ. منى : أن يحزن الإنسان نتيجة الضغوط، والتوترات المحيطة به فهذا أمر معتاد، وطبيعي وإحنا نعيشه كل يوم، ونتعامل معه، ونتجاوزه في أغلب الأحيان.. لكن أن يحزن أطفالنا فهذا غير طبيعي، المفروض أن يكونا طفلنا دائما مبتسم، يضحك، ما يحمل أي هم لا للماضي، ولا للمستقبل يعيش حياته مستمتع بكل لحظة تمر عليه، كان في الماضي، وما زلنا نحسد الأطفال، ونقول: أنهم لا يعرفون لا الهم ولا الغم، وأن قلوبهم دائما متفتحة للحياة تنظر لها بمنظار وردي، وتراها بألوان زاهية، الطفل عادة ما يشيل معه ورقة وقلم يحسب ويوازن، ويقول: إيش دخلي وإيش أنفقت، وعندي التزامات ولا لأ .. ولا يجيه تليفون ما يقول لمن حوله لا تقولون أنا ما موجود خشية أن يكون أحد الدائنين، ولا عمره يعرف الخديعة، ولا النفاق ولم تغضب عليه الحياة، وإنما تكشف له عن وجهها الجميل دائمًا.
لكن في تلك الأيام اللي مضت كل ما فيها من خير كنا عندما نتحديث عن شخص مقبل على الدنيا ننظر لقلبه، ونقول: هذا قلب طفل، أما الآن فقد اختلفت الصورة، وقبل أن تلفظ ألفية القرن العشرين أنفاسها الأخيرة أورثنا أمراضنا النفسية لأطفالنا، وبات الطفل حتى قبل سن الخمسة سنين من عمره يعاني مثل ما يعاني الكبار، من الضغوط، ومن الكآبة،، ومن القهر، والشعور بالإحباط، مشكلة حزن الطفل محيرة .. وإحنا أحيانا ما ندري شو سبب الحزن، ونتألم، فكيف وهو اللي لا يقدر يعبر وخاصة إذا لم يتعدى هذا الطفل السنة الأولى من عمره، التفاهم معه هايكون جدًا صعب خاصة بعد إذا زادت همومه.
الطفل الأكبر سن واللي يستطيع التعبير عن نفسه أحيانا، وكيف يعبر عن نفسه؟
كل هذه الأمور، وأكثر منها راح نتحاور فيها وراح نجيب على كل هذه التساؤلات في حلقة مميزة جدًا عن أحزان الأطفال ..
نوال : ما تتخيلون أنا ممكن دمعتي في دقيقة تنزل لو أشوف طفل عيونه تدمع.
معالي : بس كده أنت تضريهم أستاذة نوال تدلعي الأطفال.
نوال : لا .. لأنه طوالي يعني الطفل تعبيره ما تتخيلون شو قوي للحزن.
بثينة : يقولون: إن الأطفال لما يحزنون الواحد يعرفه من مظاهر حركة معينة يسويها، إشارة، أحيانا نظرة عينه، ينظر بطريقة تخليكي تشعرين أنه فيه شيء، ما بيعرف يعبر..
نوال : شوفي أستاذة بثينة الإعلام.. يعني حتى الحين في أحداث العراق الله يفرج عليهم، ولا غزة ربنا يفرج عليهم، تشوفين الإعلام يركز على المراكز المؤثرة، فأول ما يركز على عين طفل، فعلا ينهار الناس، ويتأثر المشاهد.
إذن .. بس أنا دائما يدور برأسي ترى الأطفال يحزنون مثلنا إحنا الكبار ..
منى : أنا أتوقع أنه أكثر منا نوال، يمكن إحنا الكبار نحط يدنا على المشكلة اللي إحنا نعاني منها.. لكن الطفل عادة يتألم ما يقدر يعبر عن مشكلته..
معالي : إحنا ممكن ندور عن الحل، هو ما عنده حل.
منى : ما عنده حل، وأحيانا اللي حواليه يكونوا مشغولين عنه فما يقدر حتى يلفت نظر اللي حوله، فتلاقيه مثل ما تفضلت أستاذة بثينة يعبر بأشياء أخرى .. يا بنظرة عينه، يا بانكماشه، يا بسكوته ..
معالي : طيب التعبير العنيف يا أستاذة منى، يعني أنا مثلا دائما أفكر إحنا الآن مفترض أنه إحنا نقدر أحزان أطفالنا، ونشعر بهذه الأحزان، ونحتوي هذه الأحزان، طيب الآن مثلا طفل أُخذت منه لعبة من صديقه الصغير، لما يتعصب الطفل ويزعل إحنا نقول له: لا ما تزعل، عادي إيش يعني أخذ منك لعبة، فأنا أصبح عندي لبس من مفهوم أن يشعر الطفل بهذا الحزن ويعبر عنه، وبين ردة الفعل، دائما فيه لبس.
نوال : هذا يخليني أفكر يعني مرات أقول هل معقول أنه يكون الحزن عادي، يعني مرات تشوفي الأم ما تصدق أن أم شافت في ولدها نظرة حزن، أو قاعد بزاوية، الأطفال لهم تعبيرات غريبة، يعني منهم اللي يدخل حتة تحت السرير، أو يختبئ في مكان، في حالة الحزن الأمهات اللي ما يبادرون في السؤال عن حالة الابن ومعرفة السبب، أتعتقدون هل لأن الحزن ما مهم؟ أم أن الأم تعتبر هذا حالة ماشية ؟
منى : يمكن حزن الطفل.. يعني لحظة وقتية وراح تنتهي، ولكن يمكن معالى مع الأستاذة نوال تطرقوا إلى أحزان ممكن تكون حاضرة، ويومية عند الطفل ما نقدر نوصلها حتى إلى مستوى الحزن.. لكن هناك يعني صورة مؤلمة جدا .. مثل ما تفضلي، يعني الطفل في غزة، في العراق لما يُحرم من أقل الأشياء .. طفولته، إحساسه بالأمان، وجود أمه، وجود أب يطلع للدنيا يلاقي روحه مجهول الهوية، ما يدري ..
نوال : لا ويشوف دم ويشوف أصوات ..
بثينة : خلينا نقول على الوضع المستقر، الوضع الحالي يعني خلينا في الأسر العادية في الأحوال المستقرة اللي ما فيه حروب أو شيء.. واضح.. اليوم إحنا المرأة تقبل على العمل، المرأة اليوم تعقد أنها إذا ما اشتغلت ما أثبتت ذاتها، والرجل يعمل، خروج الاثنين يشكل خطورة شعور الطفل أنه مهمل، فهذا قد يسبب له حزن .. وقد يفسر بعدهم على أنه إهمال، إحنا ما نقول سبب الإهمال، إحنا بنشوف تفسير الطفل لهذا البعد؟
معالي : فالطفل منذ أن كان جنيه فهو مع أمه دائما يسمع حتى دقات قلبها
نوال : فيه نقطة مهمة، أنه ما معنى الأم أنها طلعت أو الأب ما هو موجود، ما معناه أنه مهمل، يعني معاني الرعاية والحب ..
بثينة : اسمحي لي هذا تفسيرك، إحنا بنتكلم بمنطق الطفل .. نريد أن نعرف الطفل كيف يشعر .. أنا أعطيك حالة فيه طفل اضطروا أهله بالسفر بعيد عنه، أمه مريضة وتتعالج، فطول الوقت وهو يردد كلمات وعبارات ما يدخل في صلب الموضوع أنه هو لو يحبوني ما كانت راحت تتعالج ..
نوال : هذه مشكلة في التربية.
إذن معنى هذا كل طفل قد يفقد لظرف طارق أمه ..
بثينة : هذا طفل صغير، ومفهمينه ماما مريضة، وإحنا رايحين نعالجها .. لكن الطفل يعبر عن شيء داخله .. افتقاده ..
معالي : إحنا نحكي أنه يجب احتواء هذا الأمر.
نوال : يعني محتاج إلى أمه، وأبوه عندهم الوعي في تلمس الحزن.
بثينة : مهما قلت له لا يقتنع .. ولكن هذا أمر سهل، أنا أعتقد فيه شيء يمكن يكون فيه شيء أصعب منه، العنف اللي يمر على الطفل ..
منى : بالضبط العنف، حاجات كثيرة تمر بالطفل .. أنا ودي أول شيء نوجه الحلقة إحنا شو هدفنا منها .. إحنا الهدف الأساسي للحلق، وطرح أحزان الأطفاله أنه إحنا نوعي الأم، والأب.
يا جماعة إذا لقيتم مظهر من هذه المظاهر في أبنائكم.
إذن الطفل يعاني، إذا تطرق إلى المظاهر اللي ممكن أن يلاحظها الأبوين عشان نوجههم حطوا بالكم ترى هذه ناقوس خطر.
وبالتالي إيش هيه الخطوات اللي ممكن من خلالها تأخذون بيد الطفل منذ البداية حتى لايتفاقم الأمر، قد يكون الطفل تعرض إلى موقف مثل ما تفضلت الأستاذة بثينة تركه وهذا موقف يمكن أن يتعرض إليه بمنتهى السهولة، وقد يتعرض إلى ما هو أبعد من ذلك، اعتداء جنسي مثلا وهو أصعب ما يكون على الطفل في سن صغير.
فبالتالي هنا ما هي المظاهر التي يمكن أن يعاني منها الطفل؟
وأيضا هنا مظاهر أخرى ممكن أن يعاني منها الطفل، وين نلجأ؟ إلى من نلجأ؟ وفي أي وقت ممكن نلجأ؟
بثينة : هذا اللي أنا أقوله، فيه حالات سمعتها طفل مثلا يتعرض والديه الاثنين لحادث، أو واحد فيهم الجد والجدة من كثر ما هم متألمين على فراق الابن أو البنت لما يأتي الطفل ما تقدر تشوفه؛ لأنه يذكرها ببنتها أو بابنها، فكما قلت لك: إحنا ننظر بمنظور الطفل شو هو يشعر، هو بالنسبة له يعتقد أنه هم يكرهونه؛ لأنه هو ترجمته أنه هو سبب موتتهم، مسكين هو عايش عالم ..
معالي : أنا خرجت الآن من هذه المفاهيم الجميلة بنقطتين أعتبرهم جدا مهمين، أول نقطة أن الطفل يحزن وهذه متفقين عليها، الطفل فعلا يحزن، ومن المفترض أن الوالدين يستوعبوا هذا الحزن، ويعرفوا ردات فعله ..
منى : يتألم حتى إذا ما وصل إلى مرحلة الحزن ..
نوال : يا جماعة الموضوع طرحته في المدرسة؛ لأنه هي المجتمع اللي حوله، سواء المدرسة سواء البيت سواء الدولة نفسها لها تفكير يبدأون يخططون فترى هذه النقطة غافلين عنها، ومعتبرين أن الطفل يكبر وينسى.
منى : أستاذة نوال للإجابة على كل هذه التساؤلات اللي طرحتوها، واللي تفضلتم بها راح نستضيف معنا المستشار النفسي الدكتور مصطفى أبو السعد، وراح يكون هو ضيف حلقتنا للإجابة على كل ما تم طرحه.
------------------------------------