لا تزال ظاهرة تشغيل الأطفال تثير قلق العديد من الناشطين الحقوقيين نظراً لما تخلفه من أثار سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص. إلا أن محاربة هذه الظاهرة غير المقبولة يظل تحديا حقيقيا أمام كل المجتمعات في ظل ازدياد نسبة الفقر وانعدام الوعي الحقيقي بآثارها السلبية على فرص تطور الأطفال. كما أن هذه الظاهرة تتعارض مع مجمل القيم الإنسانية والأخلاقية التي تقوم على أساسها أغلب المجتمعات الحضارية اليوم. فمُزاولة الطفل للعمل في سن مبكرة تشكل تهديداً مباشراً لسلامته وصحته ورفاهيته وتقف حجرة عثرة أمام تلقيه التعليم المدرسي الذي من شأنه أن يوفر له مستقبلاً أفضل. وتصيب آفة عمالة الأطفال واحداً من كل 6 أطفال في العالم. وفي هذا السياق ينبغي الإشارة إلى أن تواجد معظم ضحايا عمالة الأطفال في الدول الفقيرة. وعلى الرغم من اختلاف أسباب انتشار هذه الظاهرة من دولة إلى أخرى، إلا أن ظروف تشغيل الأطفال غالباً ما تكون متشابه. ويُعزي الناشطون في المنظمات الدولية سبب اانتشار تشغيل الأطفال بالدرجة الأولى إلى جشع أرباب العمل وإلى الفقر المدقع الذي تعاني منه أسر هؤلاء الأطفال. والمدهش حقا هنا هو أن ظاهرة تشغيل الأطفال لا تنحصر فقط على الدول النامية أو المتخلفة، بل نجدها أيضاً في المجتمعات المتقدمة مثل ألمانيا. كما يُعتبر النظام الاقتصادي المُعولم جزءً من هذه المشكلة، ولو بشكل غير مباشر، فالعولمة ساهمت في تسريع حركة نقل رؤوس الأموال من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة التي تعد خزانا كبيرا لليد العاملة الرخيصة الشيء وهو ما يزيد من تفاقم هذه المشكلة.